تيسير المغاصبة/دار الكتاب والياسمين للادب العربي والثقافة

 (في عتمة الحافلة)

    الجزء الثالث

،،قصص،،

بقلم :تيسيرالمغاصبه 

------------------------------------------------------------

       -١٧-

   ،،،مشاهد ،،،


  الفصل الأخير


،،صوت الطبيعة،،


الحافلة تسير بتمهل في الشارع الصحراوي بسبب

غزارة الأمطار،

بالرغم من أن الوقت لايزال نهارا إلا أن الأجواء 

معتمه حتى قبل غروب الشمس بسبب كثافة 

الغيوم السوداء ،فكان المشهد مبهجا للناظر ،

كان مشهدا رائعا حقا مع رائحة النسكافيه وصوت

طرقات المطر على النافذة، مشهد لايحتاج أبدا

إلى حضور فلم من خلال شاشة التلفزيون أو

سماع موسيقى أو أغاني عبر السماعات ؛فأن 

صوت الطبيعة هو أجمل صوت يمكن أن يسمعه

الإنسان .


،،رقم المقعد،،


بالرغم من قلة المسافرين وحرية الانتقال من 

مقعد إلى أخر إلا إنها إقتربت مني لتريني تذكرتها:


-لوسمحت؟


-تفضلي.


-أشكرك ..لكن ذلك المقعد هو مقعدي كما ترى؟


نهضت وقلت لها:


-نعم ..عفوا تفضلي.


-ميرسي؟


جلست في مكان آخر..وعلى مقعد أخر ..و إلى جانب نافذة أخرى  فكان الوضع

كما وأني لم أنتقل أبدا ..لذا كان تصرف الفتاة 

غريبا بالنسبة لي فبدت كما وإنها تريد الالتزام 

بالنظام مع نفسها فقط ،أو هو مجرد تحرش..

ياترى لو كانت تستقل الحافلة وحدها ...هل 

كانت ستلتزم بالنظام.


،،إمرأة ،،


إقتربت فتاة ..عندما رأتني رفعت يدها على مسند

المقعد الذي بجانبي تماما وقالت :


-كيف حالك؟


-جيد والحمد لله ..عفوا من أنت .


هزت رأسها آسفة ..أو مشفقة ،

وصرفت نظر عن التحدث معي ثم تركتني وذهبت لم أعرف من هي أو حتى أن اتبين ملامح 

وجهها لإنها كانت تخفي وجهها في 

الخمار..


،،فتاة،،


إنتقلت فتاة من مقعدها البعيد لتجلس على مقعد

يكشف  مقعدي ..كان مقعدها إلى جانب النافذة

أيضا..يبدو إنها قد فضلت أن تبتعد عن المسافرين

الموجودين في الخلف ،

كانت ترتدي الفستان القصير الذي يكشف مفاتنها، بالرغم من الأجواء الباردة في الخارج،


لكن لديها معطف دافء معد لضمها إثناء خروجها،

يبدو إنها مسافرة وحدها ..بدأت في قراءة رواية

عاطفية طوال الرحلة ،فلم تتنبه لأي شيء 

حولها  ،فبقيت بين صفحات الرواية .


،،، صوت ،،،


فتاة جلست في المقعد الكائن ورائي..ورائي تماما،

فكانت تغني بصوت خافت ..كان يعلو أحيانا ..

لكنه لايتجاوز مقعدي ومقعدها ،

صوت رائع ..دافء ..متقن ..تمتلك مقدرة رهيبة

في الغناء ،لولا إنها تغني الغناء الحديث.. الهابط

ياترى هل جمالها بقدر جمال صوتها.


،،،بالون ،،،


سقطت الصفارة المشبوكة بالبالون علي ..امسكتها

فسمعت ضحكة المرأة ..المرأة التي كانت جالسة 

إلى جانب إبنها ،

فكانت هذه فرصتي لأقف وأنظر ورائي لرؤية 

الفتاة صاحبة الصوت الجميل والتي تؤدي الغناء

الرديء،

وقفت ..نظرت نظرة سريعة إليها ..فكان جمالها

لايقل عن جمال صوتها ،

كانت تضع سماعات الأذن وقد تكون لهذا السبب

لاتعلم بأن صوتها مسموع لإنها كانت تشارك 

المغني ذلك الغناء ،

إقتربت مني المراة .. وكان يسر خلفها طفلها 

 الصغير ..صاحب الصفارة، مدت يدها ..أعطيتها 

الصفارة وقالت :


-أسفة؟


ثم عادت إلى مكانها .


 ،،،قبل إغلاق الستارة ،،،


يستمر المطر في الانهمار في الخارج...

أجواء محفزة للعواطف الجياشة ..

لكل مقعد من تلك المقاعد ...حكاية ..

قد أكون أنا بطل تلك الكحاية ..

وقد يكون شخص أخر غيري .

ولكل فتاة حكاية ..

لكن ليس جميعهن يبوحن بحكاياتهن ..

وليس كل المسافرين ....أنا .


           -ستارة-


إنتهت القصص ،

من يعرف.. ربما أكتب الجزء الرابع من تلك القصص 

في العام القادم ..

وربما لن ترفع الستارة ثانية ..

حتى لو استمرت رحلات الحافلة. 

لأن رحلاتي... قد إنتهت .


تيسيرالمغاصبه 

١١-٢-٢٠٢٢

الساعة العاشرة والدقيقة ال ٥٠ صباحا ،

كتبت تلك القصص 

في الجنوب


تعليقات

المشاركات الشائعة