السعيد عبد العاطي مبارك الفايد/دار الكتاب والياسمين للادب العربي والثقافة

 يوميات من قريتنا الحبيبة " أبو سكين "

السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر 

===============

مع بعض طقوس الأفراح ٠٠ !!

" التسريرة - مزيكة النجار - زفة أبو جلبة - فرقة عثمان وأولاد عارف - أخذ العرض و المحرمة - الصباحية ٠٠ "

عزيزي القاريء الكريم ٠٠

تظل الذكريات عالقة في الذاكرة مع يوميات القرية مع أيام الزمن الجميل ٠٠

نتوقف مع بعض مظاهر  الأفراح الشعبية ٠٠

بعد اختيار العروس عن طريق الأقارب من جهة الأب أو الأم أو عن طريق رؤيتها عندما كانت تغسل المواعين على " المُردة " أمام المسقى أو وهى تملأ البلاص من مياه المرشح أو بتشتري سلعة من محلات المحطة حيث قطار الدلتا كان يمر بالقرية آنذاك ٠

ويتم الخطوبة و الزيارة بالمناسبات و المواسم و تحديد الفرح و اذا حدث لا قدر الله حالة وفاة في القرية يؤجل لمدة عام من تاريخه ٠

و عندما يتم إعلان موعد الفرح  قبل شهر من تاريخه تحتفل قريتنا بالعروسين عن طريق المساهرة كل في بيته حيث أقاربه وجيرانه يغني الرجال أغاني بلهجة عربية و النساء بأغاني شعبية ٠٠

كل ليلة بعد العشاء في حلقات داخل وخارج البيت ويعملون الكعك و البسكويت وهم ينقشونه بالمناقيش ٠٠

و الأطفال تلعب أمام الدار ٠٠

و تأتي الخياطة في بيت العروسة و كل من يأتي يعطي نقطة للخياطة و يعطيها في الأول نقطة " فتح المقص " تيمنا

و ترسم على الملاءة و وش المخدة بعض الطيور كالعصافير و تكتب بالقلم ثم بالتطريز مبروك يا عريس مبروك يا عروس ٠٠

اصحَ يا عريس الشمس طلعت على السرير  ٠

و يستقبل أهل العروسين الحمولة في " أسبات "من البوص و أقفاص من جريد النخل وطيور من البط الخضاري و السوداني و الأوز العراقي ٠٠


تعد حجرة للعريس ببيت العائلة يتم تليسها بالطمي ثم تدهن بالجير الأبيض و صبغة الزهرة و يكتب على البيت صل على النبي و مبروك يا عريس مبروك يا عروسة ٠٠

عقد القران :

و يتم عقد القران و يأتي المأذون على حمار ينتظره على المحطة او الطريق العام و يحمل الرجل  شمسية يظل بها المأذون وكان عمنا الشيخ جمعة أبو إسماعيل معه عالمية الأزهر و يستغفر و ينهي اي احد يشبك او يعقد او يفرقع أصابعه أثناء عقد القران احتراما و تفاؤلا  بالخير ثم بعد الكتابة يداعبنا قائلا :

المغفلون زادوا واحد ٠٠ !!

فضيحك  الجميع 

و يوزع الشربات و طعام الغذاء ٠٠

و يسأل الناس الماذون عن بعض قضايا الدين  ٠٠


جهاز العروسين :

يتكون سرير من حديد بنموسية دبلان أبيض  مزهر ودولاب وكنبتين خشب يتم تجددهم و تنجدهم بمندرة العائلة ٠

و عفش العروسة تأتي بملابسها و طشت وحلة نحاس و حنفية نحاس و أبريق المونيوم كرسي خشبي متعدد الاستخدامات وصنية نحاس للعشاء و صنية وسط بها ٣ ثلاث قُلل طويلة فخار أبيض عليهم غطاء مزوق و مجموعة من المقالي و البرمة الفخارية وبعض الحلل البسيطة للطبخ و عدة قطع من الخزف الصيني الحجري ووابور جاز نحاس و هون نحاس وصندوق خشبي به أدوات خاصة بالعروسة و خاصة المكحلة ٠


و ليلة الحنة يتم الاحتفال بالعروسة

وليلة التسريرة يتم تجهيز كنبة خشب و عليها كرسيين خرزان و خلفها ملاءة و جريد نخل أخضر وتجلس العروس و معها الماشطة تظبطها كل شوية و يأتي العريس مع أصحابه و معهم كلوب ينور الطريق حيث لا كهرباء ليلا

و يجلس بجوار العروسة ٠٠

لمة الصدر :

يقوم العريس بإخراج حبل رفيع لزق عليه فلوس ورقية و يضعه في رقبة العروس هدية وعربون التسريرة 

و تكون العروسة لابسة فستان نايلون سادة ملون ثم تنزل مع الماشطة و تبدل فستان آخر نايلون ملون أيضا و تصعد مرة أخرى ثم يغادر العريس التسريرة ويتركها لوحدها مع أهلها 

و يذهب من أجل الجنة في البيت و يتجمع الناس حوله و يغنون اغاني عربية و رقص بالعصا و الحجل والضرب باليد ٠

ثم يستعدون ليوم الفرح ٠

 و يوم الفرح بعد نحر الذبيحة يتم نقش العبارات بدم الذبيحة و طبع الكف على باب و جدران الدار ٠

و الطباخ عمك لطفي البهنساوي و يطبخ على كانون من الطوب الأحمر يرصه و يشعل الخشب و الحطب 

و يعمل حلو مهلبية أبيض باللبن و احمر بالشربات ٠ 

و يستمر الغذاء ، ويضعون بعض الطعام و الباقي من المائدة في طشت كبير للأطفال و الصغار كي يأكلون و نقوم بضرب بعض بالأرز و يقف رجل ينظم أكل الصغار ومعه خرزانة يهوش بها ٠


و تأتي العروس على هودج جمل ثم توقفت الظاهرة و كانت عربية طراز قديم او تسير على الأقدام ومعها الماشطة اذا كانت قريبة المكان و الناس خلفها بالمزمار و الطبول و الزغاريد ٠٠

حيث مزيكا عمك النجار وسلام المنديل ٠٠

و عند دخولها البيت تعطيها حماتها قمع سكر وزجاجة شربات ماركة الطربوش هدية تنم عن الرضا و الترحاب 

و تضع العروس في طشت و يحملونها كي تدخل من الباب و تعطيها ام زوجها أو المكلفة بذلك يد هون نحاس ومسمار تدقه في عتبة البيت حتى تحدث البركة و عدم خروجها من البيت وكأنها تثبتت مع أهلها الجدد ثم تنحني وتدخل من بين رجلي حماتها كناية عن الخضوع و التسليم لها ٠


عزومة العريس :

يتم عزومة العريس عند بعض الأصدقاء في القرية مع مجموعة من أصحابه حيث يتعشى معهم و يقوم الحلاق بتزينه و تثقيفه استعدادا لليلة الدخلة ثم يسخنوا الماء كي يستحمى بعد ذلك و يلبس ملابسه الجديدة و البالطو ٠٠

و يغنون و يرقصون ٠


زفة أبو جلبلة :

يأتي عمك أبو جلبة معه شكل خشبي يركبه مثل خيمة خشبية مستطيلة و يزينها بأوراق شفاف ملونة يلزقها بعجين على الخشب و يعلق كلوب النور في منتصفها - وعندما ينطفيء الكلوب نغني يا أبو جلبة كلوبك عاوز رتينة يعني فتيلة الأشعال ذات الخيوط الحرايرية - و في نهايتها لوح خشب بمثابة مقعد عندما يتوقف الموكب أمام كل بيت يجلس العريس عليه و معه صاحب العزومة السابق وصديق مقرب 

و يقدمون طقم شربات من كل بيت يمر عليه استعدادا وفرحا بقدومه ومروره من أمامه و ربما تشبث البعض و غير الاتجاه بعيدا كي يعزم العريس على الشربات مصمما 

و مزيكة  السيد النجار النحاسية تعزف السلام الجمهوري و سلام المنديل لصاحب الوقفة و ينقط كل البيت بقروش و يحتفلون  لدقائق و خلف زفة أبو جلبة قريبة العريس واحدة تحمل سلة تجمع فيها الهدايا من أقماع سكر و زجاجات شربات و علبة حلوى ٠٠

و أخرى تحمل على رأسها طاجن به نار و تضع شبة و ملح و ترش الملح و الملبس والحلوى التوفي و تتحزم بلواية قش على وسطها و معها حديدة فرن كي تطرد العين و الحسن من وراء العريس 

و تزرغد و تونون بأهازيج عربية صرف لا يعرفها و لا يفهما إلا العربي القح ٠


مع سهرة أولاد عارف و تمثيل عثمان :

و بعد وصول الموكب من عزومة العريس و قرب البيت الكل يهرول و الجميع يدخلون إلى مكان السهرة لأخذ أماكنهم في الجلوس حلقات على الأرض و يدخل العريس و يأتي بعروسه ويجلسون في السهرة علي كنبة عليها كرسيين من الخرزان  

وامامهم مسرح من مجموعة كنب خشبي عليه حصير من السركون   يتم فرشه بالمقلوب حتى يكون خشن يلعب عليه ( أولاد عارف ) الفرقة الرياضية و مزيكة النجار تدق ٠٠

ثم تأتي فرقة عثمان للتمثيل و الكوميديا و عثمان يدهن وجهه بطلاء اسود و كان مشهورا بخفة ظله الناس تنتظره كل موسم يخفف عنهم حيث كانت رتابة الحياة و يظلون يتذكرون الحفلة إلى حفلة أخرى ٠٠ 


عادة أخذ العرض :

و يبدأ العريس بدخول البيت ومعه العروسة تدخل حجرتها و معها واحدة متخصصة في تهيئة الجو ومعها محرمة قماش أبيض تتلقى بها الدم عند فض البكارة ٠٠

و يجلس العريس في منتصف البيت بالدهليز  للتهدئة ويقدمون له كوب ليمون ثم يدخل ويقلع البالطو خارج الحجرة و يتجمع أهل العروس من النساء أمام الحجرة ، كما يصطف الناس أمام البيت ينتظرون لحظة إعلان ( الشرف ) ٠

ثم يُفتح الباب و تناول الحاجة المخولة بتلك المهمة المحرمتين عليهما نقط من الدم ٠٠

و تتعالى الزغاريد و الفرحة والابتهاج ٠٠

و ينشدون :

" شوفوا دم البنت الفلاحي " 

و يجيبون شوارع القرية بالشدو والغناء ٠

و ينفض الفرح و ينصرف الجميع ٠٠


ويجلس العريس ومعه الأصفياء كي يأكلون من حلة ( الاتفاق ) المخصصة حيث دكر البط المحشي و الحمام ٠٠٠


الصباحية :

في الصباح الباكر يأتي أهل العروس و معهم صواني عليها المشلتت و الفطائر و البقلاوة و الأطعمة مبكرين و يطرقون البيت كي يصبحوا على العروس و يطمئنوا ٠٠


ثم يتم توزيع الكعك و البسكويت و الحلوى في طبق على بيت بيت والبيت يرد الطبق به نقطة من النقود ٠

الآن يأتوني بعد العصر و تم إبطال اخذ العرض بهذه الطريق و تبدلت الأحوال و الطقوس كما هو معلوم ٠

هذه كانت صفحات من يوميات قريتنا الحبيبة ( أبو سكين ) مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله


تعليقات

المشاركات الشائعة