حسين حطاب /دار الكتاب والياسمين للادب العربي والثقافة

 .....أخي القارئ عسى أن يعجبك هذا الموضوع وتغوص في عمقه وتسعد بقراءته ، ولك الحكم عليه بعد إتمامه بالمنطق والعقل ، وإنه من سابق الأوان إصدار الحكم على المجهول قبل معرفته ، فهنا تكون قد ظلمتني ، وإن أبرزت حكمك على إنتاجي بعد شمه وذوقه فقد أنصفتني.

....كن لنفسك مشروعا ناجحا.

– إن عمر الدنيا خداع حقير قصير ، فلا تظن كنزه مكافأة يعمر طويلا ، وحالها مغيرة  للنفس مهلكة لها ، فيها تبعيات تنهك الذات ، كثيرة الإلتواء ، وعبر أيامها تتكاثر همومها وغمومها ، تتلون بالنكد والكدر وأنت منها في مشقة ، فأقبل على الحياة كما هي ، واصنع منها المعجزات ، وكن راضيا مقتنعا ، وتبصر قليلا لتجد أين الخلل ، اصلحه واستعد للإنطلاق من جديد .

– كل رجل أو إمرأة ، فقير أو غني ، معرض للهموم والنكد ، كل بيت أو قصر ، مهنة أو وظيفة ، عمل أو معمل إلا وفيه ما يؤلم ، وكلما يزدداد الحال سوء أحيانا ، أطفئ لهب الشر بماء الخير  لتجد النجاة والخلاص .

– أنظر إلى نفسك والعمر يشد الرحال يطوي صفحاته ، يقذفنا كالكرات بين محطاته المتنوعة ، فيها لحظات أفراح ، وأوقات أحزان ، وساعات إنتصار وإنكسار ، يفوز بها من آمن بأنها رحلة واحدة في الدنيا لن تتكرر.

– ومرت السنين تاركة وراءها تجاعيدها ، ونحن قابعون خلفها ، بداخلنا نبض عبقها الفائت القاطن بين أضلعنا ، ، يذكرنا بمحاسنها ومساوئها ، ، باستوائها وعثراتها ، باستقاماتها وسقطاتها ، بثباتها وهفوتها .

– ألا ترى أن الدنيا جامعة للضدين والصنفين والمجموعتين والفكرتين ، حق وباطل فضيلة ورذيلة ، قوة و ضعف ، إيمان وكفر ، سعادة و يأس ، ثم يطفو الحق والفضيلة والإيمان والسعادة فوق مروج الهناء ، ويطمر الباطل والرذيلة والكفر واليأس في غياهب الشقاء .

– الدنيا ملونة حقيرة ، فكن لواقعك بعيشة ترضاها ، ولا تضلل نفسك في متاهات الخيال وأطياف الوهم ، واسبح في عالم الحقائق ، ثم حلق في واقع مثالي ، تريده أنت لا غيرك ، وارضى بدنياك ، واجعل نفسك طائعة لمواكبتها بقوة الإرادة وقدرة العزيمة .

– تريد انشراح الصدر ، وإزاحة غيوم الهموم والغموم من حقله ، ترغب في ابعاد سحب النكد والكدر من قلب يأبى الإبتعاد عن أطلال الحسرة والندم ،فالدنيا واسعة ، سافر في أرجائها ، واقطع الأميال لتبصر صفحات الكون المرسوم عليها آيات الجمال المتنوع ، وأنظر من حولك إلى الحدائق الغناءة ، والجبال الشامخة ، وامتداد الصحراء الواسعة ، وتأمل في كل ما يحيط بك ، أنظر إلى الطير وخذ منه العبرة ، إلى جريان الماء في الأنهار ، وعمق الوديان ، وأفنان الأشجار الباسقة ، وتوقف قليلا عند أغمار الورود والياسمين ، متع ناظريك بأزهارها وأنفك بعبق رائحتها ، حينها تجد الإنشراح ، وتغمر روحك السعادة ، وينزاح الغطاء الأسود عن عينيك .

– إن البقاء وحيدا تعانق الألم ، تسمع أنين المحن ، وقرع طبول التشاؤم ، لهو إستسلام للفراغ الهائج الجائع أمام جحافل الأحزان ، وذاك مشروع فاشل يؤدي بك إلى مسلك الهلاك والإنتحار .

– إن الترحال في جوف النكبات ، تتلو خطب النكد ، تروي قصة المحن تدون صفحات الحسرة ، لظلم في حق نفسك ، أخرج من نفق الإتهام وسافر لتسعد  وتفرح ، فكر وتدبر متأملا في مخرج يقيك شر البؤس واليأس .

– صبرا جميلا والصبر يتحلى به الرجال الذين يتلقون به كل مكروه بصدور عارية رحبة ، فكن مثل هؤلاء ، وليس لك إلا الصبر منفعة ، فإن لم تقوى على الصبر فماذا أنت فاعل ؟

– المصائب لن تتوقف بحمولتها المؤذية ، كن منتظرا لوقوعها ، فما عليك إلا بالثبات والشموخ كالجبل لا يتزحزح ، وترقب الأفضل فإن بعد العسر يسرا وإشراقة جديدة متجددة عند مطلع فجر محملا بالفرج ، لأنه عند مقارعة الكوارث و وقوفك ندا في وجه المصائب تنل ما ترغب فيه .

– الهم حقير تافه ، فلا تجعل منه خيبة تعوق طريقك ، ولا تعاسة لنفسك تشل خطواتك نحو غد أفضل ، ولا قوة ضاربة تبرد عزيمتك .

بقلمي / الأستاذ حسين حطاب.


تعليقات

المشاركات الشائعة