حسام الدين صبري/دار الكتاب والياسمين للادب العربي والثقافة

 عِشرونَ عامًا

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

عِشرونَ عَامًا وأنَا مُتَكِئٌ عَلَى دَفتَر

أرسُمُ النِسَاءَ أبيَاتًا ولَوحَاتٍ وأسكَر

تَجتَاحُنِي الفِكَرُ وقَلَمِي كَنَبِيٍّ مُرسَلْ

ولَو شُقَّ الصَدرُ لَرَأوني طِفلًا بِلا أُمٍ يَتَسَول

عِشرونَ عَامًا وتَقُودُنَا نَفسُ الذِئَابِ مِنْ ظَلامٍ

إلَى ظَلامٍ والثَورَةُ هُنَا حَديثٌ لايُثمِر

وكَيفَ تَكُونُ الثَورَةُ وطُيورُهَا مُطَارَدَةٌ

ومُشَرَّدَةٌ وجَائِعَةٌ وفي أحزَانِهَا تَعُودُ وتَرحلْ؟

عِشرونَ عَامًا وإنْ لَمْ أُسَبِّح بِحَمدِ آلِهَةِ الضبَابِ

أكُونُ كَفَرتُ بِالمِعرَاجِ وبِالْثَالوثِ وبِالْهَيكَل

عِشرونَ عَامًا وأنَا أختَبِئ في النَبِيذِ وفي النِسَاءِ

           مِنِ امرَأةٍ لِامرَأةٍ أخطَر

لاَشَىءَ عِندِي أخسَرُهُ طَالَمَا دَمِي اختَلطَ

              بِدَمٍ مجهولِ المَصدر

عِشرونَ عَامًا وأنَا خَلفَ هَذَا البَابِ أنتَظِرُ

             مَنْ سَيأتِي ومَن سَيرحَلْ

العَامُ عِندِي امرَأةٌ سَقَيتُهَا وسَقَتني الكَأسَ المُفَضَّلْ

والعَامُ الآخرُ امرَأةٌ في خَيالي ولَمْ تَحضُر

عشرونَ عَامًا وأنَا أذرِفُ دَمعًا وأشرَبُ كَأسًا

             وأكتُبُ قِصَصاً لاَ تُسطَر

وأسَافِرُ والغُربَةُ رِوَايَةً طَوِيلَةٌ والسِتَارُ لاَ يُسدَلْ

عِشرونَ عَامًا وأنَا أحلَمُ بِوَطَنٍ غَيرَ الوَطَن

وشَمسًا غَيرَ الشَمسِ قَبلَ أنْ أُوَدِعُ وأُحمَلْ

عشرونَ عَامًا وأنَا في بِلاَدِي أزرَعُ وأمضِي

                 وأمضي وأتَعسَّر

وأتَعَشَّمُ وأتَوَهَّمُ أنَّ القَادِمَ هُوَ الأفضَلْ

عشرونَ عَامًا وأنَا في هَذَا العَفَنِ مُجبَرٌ لامُخَيِّر

حَتَى اعتَدتُ عَلَيهِ ووضَعتُهُ عَلَى مِعطَفِي

                 عِطري الأمثَلْ

عشرونَ عَامًا وأنَا كَنَهدٍ في عِزِّ صِبَاهُ مُهمَل

               كَشِفَاهٍ وردِيةٍ لاَ تُقَبَلْ

عشرونَ عَامًا وأنَا أسمَعُ أمجَادَ خَالد

وفتُوحَاتِ طَارِق أسمَعُهَا كَقُرصٍ مُخَدِّر

فَلا خَالدَ عَادَ ولا طَارِقَ وِلِدَ وإلَي الآنَ

             القُدسُ لَنْ تَتَحَرَر

عشرونَ عَامًا وأنَا مُطَارَدُ كَلِصٍّ سَارقٍ

                 هُوَ الأخطَر

والعَزِيزُ في بِلادِي مَنْ يُؤيِّد الذِئابَ

وفي ثَوبِ العُهرِ هُوَ الأطهَر

عشرونَ عَامًا والمُخبِرونَ حَولِي يَعُدُّونَ أنفَاسِي

وحَبَاتُ المَطرِ إذ تُمطِر

كَمَلَكَينِ لاَ يَكتُبُونَ إلا الذَنبَ الذي لا يُغفَر

عشرونَ عَامًا وأنَا أُمَني النَفسَ لَوكُنتُ أنَا المُخبِر

---------------------------

حسام الدين صبرى/ديوان/حب وراه الثرى


تعليقات

المشاركات الشائعة